شخصية ملفتة للنظر و مبهرة ومؤثرة لتميزها
وتفردها بسمات لا تتوفر إلا في نظيرها , تجده هنا وهناك وفي كل مكان ففي
كل ميدان يدلفه له حضور وبصمة جلية , أما عن القلوب فقد كان رحمه الله فارس
ماهر بالتربع في السويداء بفضيلته وليس بالتلون ولا بالإيهام والحيل و
بهذه الصفات الرفيعة المغلفة في كبسولة شفافة اسمها الصدق و دماثة الخلق
الذي لا يتحلى بها إلا أولوا النهى و الفكر السديد , استطاعت هذه الشخصية
الكريمة و المحبوبة أن تفرض نفسها على كل من عرفها , هكذا عرفت أنا هذه
الشخصية الوطنية و الاجتماعية و الإدارية الرائدة وصاحبة الحضور في القلوب
والميادين.
لذا فالشهيد علي بن سالم العامري يمثل ضمير وصوت حضرموت
فهو إن شئت ابن البادية الجلْد صاحب الأنفة والكرامة و الحاضرة المفكر و
المبدع والإداري الناجح والصديق الوفي للخاصة والعامة وهمزة وصل فريدة بين
الشارع والسلطة والصغير والكبير فهو شخصية محورية يندر نظيرها يلتقي عنده
المتضادان وتستريح تحت مضلته الدافئة الأضداد لحكمته ورجاحته و إخلاصه منصف
لهذا وذاك بلا تفريط في حق ذا أو انتقاص لذاك , وكل دوافعه في ذلك هو
تعزيز اللحمة الوطنية ـ التي قد تنفرط لفقدانه ـ والنهوض بوطنه إلى مواكبة
من سبق , ولأن الشهيد علي بن سالم العامري حزمة من الفضيلة والمناقب
فأصدقائه حقيقة وبلا مبالغة هم بعدد سكان حضرموت ففي ضمائرهم علي العامري ،
فالرجل جدير بتلك المنزلة لما سلف فقد عز نظيره في كسب محبة واحترام
الجميع ولهذه المرتبة الرفيعة حقوق وواجب , وعلى الرغم من أنه مدير أهم
قطاع أمني في البلاد إلا أنه مشهود بمهاراته الخاصة أن يسهم في تجنيب
البلاد كثيراً من المخاطر و أن يخفف نسبياً من الكرة الجليدية والعقدة
الأزلية القائمة بين المواطن والسلطة بصورة عجزت السلطة ذاتها أو غيرها عن
تحقيقه , و لأن شهيدنا رحمه الله نحسبه كذلك فقد أكرمه الله بموتة مشرفة
بشهادتين أكدتها الأحاديث الشريفة و ربما أكثر والله أعلم، و هو على رأس
عمله يؤدي رسالته واجبه الوطني , وبموتة كريمة تليق بمن مثله كوسام شرف
يتفاخر به أهله و ذويه وعموم العوامر جيل بعد جيل ، لهذه الأسباب ولحسه
الوطني المتوقد النقي الذي يمثل ضمير حضرموت لم يرق ذلك لخفافيش الظلام
وأعداء البشرية والأوطان , فدفعتهم حماقاتهم لتعجيل الأجر والمثوبة له
ومنحوه أرفع درجات الشرف في الدارين و فتحوا أبواب فتنة موصدة لا يعرف
مداها ولكنهم لا يعلمون - وأنَّا يعلمون- فهم يجهلون كل طبيعة وفطرة كما
يجهلون أن ضحايا هذه الجريمة البشعة ينتمون إلى أراكين قبائل حضرموت الليوث
التي لا تنام على عار وأن لهم أعراف تليدة تحفظ الكرامة و الدم لا يتورط
فيها إلا مغامر أحمق لا يعرف حضرموت ولا ينتمي إليها , أما الشهداء فطوبى
لهم نعم القرار .
نحن في نقطة حرجة والكل يتساءل هل سيكون شهيدنا
العامري على رأس قافلة الشهداء أم خاتمتها ؟ نسأل الله أن لا يتسع الرقع
على الراتق , اللهم آت علي العامري وكل شهدائنا ما وعدتهم وأسكنهم فسيح
جنانك مع الأنبياء والشهداء والصديقين وأجزيهم عنا خير الجزاء وأخلفهم بخلف
صالح , وانتقم لنا ولهم وارنا في أعدائنا عاجلا عجائب قدرتك يانصير
المظلومين .